مــن الأســـمــــاء الحســــنى (( الهـــادي ))

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى
(( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ، وذروا الذين يُلحدون في أسمائه ))

الهــــادي
جل جلاله وتقدست أسماؤه
معناه اللغوي:
الهدى : الرشاد والدلاله ، يؤنث ويذكر
وروده في القرآن الكريم :
(وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)
(وكفى بربك هاديا ونصيرا ) الفرقان
معنى الاسم في حق الله تعالى :
قال ابن جرير : (وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)
وإن الله لمرشد الذين آمنوا بالله ورسوله إلى الحق القاصد والحق الواضح
وقال في قوله تعالى ( وكفى بربك هاديا ) يقول تعالى ذكره لنبيه : وكفاك يا محمد بربك هاديا يهديك إلى الحق ويبصك الرشد
وقال الزجاج : ( الهادي ) هو الذي هدى خلقه إلى معرفته وربوبيته وهو الذي هدى عباده الى الصراط المستقيم كما قال تعالى (( ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)) يونس 25
وقال الزجاجي تلميذه : ( الهادي) يهدي عباده إليه ويدلهم عليه وعلى سبيل الخير والأعمال المقربه منه عز وجل
وقال الخطابي : ( الهادي ) هو الذي من يهداه على من أراده من عباده فخصه بهدايته وأكرمه بنور توحيده قال تعالى ( ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) يونس 25


وهو الذي هدى سائر الخلق من الحيوان إلى مصالحها وألهمها كيف تطلب الرزق وكيف تتقي المضار والمهالك كقوله تعالى (( الذي أعطى كل شيئ خلقه ثم اهدى )) طه الآيه 50
وقال السعدي : ( الهادي ) أي : الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع وإلى دفع المضار ويعلمهم ما لا يعلمون ويهديهم لهدايه التوفيق والتسديد ويلهمهم التقوى ويجعل قلوبهم منيبه اليه منقادة لأمره
من آثار الإيمان بهذا الاسم :
1-ان الله تعالى هو الهادي لعباده المبين لهم طريق الحق والإيمان بما ارسل من الرسل وما انزل من الكتب التي فيها كلامه وما نصب من الدلائل في السماوات والأرض
أما الرسل عليكم السلام فإنهم حججالله تعالى على خلقه اجتهدوا في العمل على هداية الناس ليلا ونهارا وسرا وجهرا بألطف العبارات وافصح الكلمات وأبلغ العظات
وكان ذلك في كل أمة كما قال تعالى ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )) الرعد ايه 7
وقال سبحانه عن خاتم الانبياء والمرسلين (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كرة المشركون )) الصف آيه 9


ولا يمكن أن يكون المسلم مهتديا إلا باتباع هذا الرسلو الكريم كما قال تعالى (( وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلاا البلاغ المبين ))
واتباع هديه أحد شرطي قبول العمل الصالح وهما المتابعه والإخلاص
2-الله جل شأنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء ذكر ذلك عن نفسه في مواضع كثيره ومنها (( من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ))
قال الطحاوي رحمه الله : (( يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا ، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلى عدلا وكلهم يتقبلون في مشيئته بين فضله وعدله ))
وفيه رد على المعتزله القائلين بوجوب فعل الأصلح للعبد على الله تعالى وقالوا معنى الهدى من الله : بيان طريق الصواب والإضلال :
تسمية العبد ضالا وحكمه تعالى على العبد بالضلال عند خلق العبدالضلال في نفسه .

هذا مبني على أصلهم الفاسد وهو : أن أفعال العباد مخلوقه لهم ، لا أن الله تعالى خالق العباد وأفعالهم ، كما هو قول أهل السنه
ولو كان معنى الهدى بيان طريق الصواب لما نفاه الله عن رسلوه صلى الله عليه وسلم في قوله (( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)) القصص آيه 56
ومما ينقض قولهم قوله تعالى : (( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها )) السجده آيه 13
فمن هداه الله تعالى للإيمان فبفضله وله الحمد ومن أضله فبعدله

3- الهدايه أكبر نعمة ينعم به الهادي سبحانه وتعالى على عبده ، إذ كل نعمة دونها زائله ومضمحله وبقدر هدايته تكون سعادته في الدنيا وطيب عيشه وراحة باله وكذا فوزه ودرجته بالآخره والأنبياء صلوات الله عليهم هم أكمل الناس ايمانا وهداية كانوا يسألون الله تعالى أن يهديهم فهذا موسى عليه السلام (( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل )) القصص آيه 22
ويوسف عليه السلام (( وتوفني مسلما وألحقني بالصالحين )) يوسف :101
وكان خاتم النبيين يسأل ربه تعالى الهدايه في كل صلواته ، فعن عائشه رضي الله عنها قالت : كان صلى الله عليه وسلم إذا قام الليل افتتح صلاته (( اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهاده أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك أنت تهدي من تشاء الى صراط مستقيم ))
وأمرت هذه الأمه بأن تسأل الله تعالى الهدايه في كل ركعه من صلاتها في قوله سبحانه (( اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) الفاتحه
4- الله سبحانه وتعالى هاد أيضا من حيث أنه هدى جميع الأحياء إلى جلب مصالحها ودفع وضارها كما قال تعالى : ( قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى )) طه : 50
فقد هدى كل مخلوق إلى ما لا بد منه في قضاء حاجاته ، فهدى الطفل إلى التقام الثدي عند انفصاله والفرخ إلى التقاط الحب بعد خروجه والنحل إلى بناء بيته على شكل التسدسد لكونه اوفق الأشكال لبدنه .

شكرا لك اختي الغاليه على هذا المرور الكريم

جزاك الله خيرا